Evénements

الحق في الماء رؤى متشابكة Le droit a l'Eau -- visions enchevêtrées

2022-12-10 2022-12-10


تخليدا لليوم العالمي لحقوق الإنسان 10 دجنبر 2022

يوم دراسي

 

الحق في الماء وسؤال الحكامة: رؤى متشابكة

 

" أصبح المغرب يعيش في وضعية إجهاد مائي هيكلي. (...) .لذا، ندعو لأخذ إشكالية الماء، في كل أبعادها، بالجدية اللازمة، لاسيما عبر القطع مع كل أشكال التبذير، والاستغلال العشوائي وغير المسؤول، لهذه المادة الحيوية.(...) وكلنا كمغاربة، مدعوون لمضاعفة الجهود، من أجل استعمال مسؤول وعقلاني للماء.وهو ما يتطلب إحداث تغيير حقيقي في سلوكنا تجاه الماء(...).فواجب المسؤولية يتطلب اليوم، اعتماد اختيارات مستدامة ومتكاملة، والتحلي بروح التضامن والفعالية، في إطار المخطط الوطني الجديد للماء، الذي ندعو إلى التعجيل بتفعيله".

مقتطف من خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس في البرلمان يوم 14 أكتوبر 2022

عبر تاريخ الإنسانية كان حضور الماء بارزا في تشكل العمران والحضارات وتطورها، وارتبط موضوع الماء بشكل وثيق بمختلف الثقافات والعلوم والفلسفات والأديان والأساطير ...،واليوم لا يكاد يخلو مجال من مجالات الحياة إلا وكان الماء جزءا منه .

شكل الماء إحدى انشغالات حقوق الإنسان، خصوصا مع التغير المناخي وتزايد ظاهرة الاحتباس الحراري وندرة المياه في العديد من مناطق العام. وكرست ضمنيا عدة اتفاقيات حقوقية دولية وإقليمية الحق في الماء، وفي 28 يوليوز 2010 اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا تاريخيا تم فيه الاعتراف بالحق في الماء كحق من حقوق الإنسان. حيث اعتبر القرار: " أن الحق في الماء هو حق من حقوق الإنسان وهو ضروري للتمتع الكامل بالحياة وإعمال كل حقوق الإنسان". وأخذ الأمر منحى آخر مع التغير المناخي وتزايد ظاهرة الاحتباس الحراري وندرة المياه في العديد من مناطق العالم حيث تزايد الاهتمام الحقوقي بالموضوع ضمن الحقوق البيئية وحقوق الأجيال المقبلة لهذا أعلنت الأمم المتحدة عن مبادرة عشارية الماء 2018- 2028. وأكدت التقارير العلمية للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ مرارا على أن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة في مواجهة المخاطر المتزايدة، وأشار تقرير عام 2022 إلى أنه :" ﺗﺗﺟﺎﻭﺯ ﻣﻭﺟﺎﺕ ﺍﻟﺣﺭ، ﻭﺍﻟﺟﻔﺎﻑ، ﻭﺍﻟﻔﻳﺿﺎﻧﺎﺕ ﺣﺎﻟﻳﺎً ﻗﻭﺓ ﺗﺣﻣﻝ ﺍﻟﻧﺑﺎﺗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺣﻳﻭﺍﻧﺎﺕ، ﻭﺗﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻣﻭﺕ ﺃﻋﺩﺍﺩ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﻥ ﺃﻧﻭﺍﻉ ﺍﻟﻧﺑﺎﺗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺣﻳﻭﺍﻧﺎﺕ. ﻭﺗﺣﺩﺙ ﻅﻭﺍﻫﺭ ﺍﻟﻁﻘﺱ ﺍﻟﻣﺗﻁﺭﻓﺔ ﻫﺫﻩ ﻓﻲ ﺁﻥ ﻭﺍﺣﺩ، ﻓﺗﺗﺳﺑﺏ ﻓﻲ ﺗﺄﺛﻳﺭﺍﺕ ﻣﺗﻌﺎﻗﺑﺔ ﺗﺯﺩﺍﺩ ﺇﺩﺍﺭﺗﻬﺎ ﺻﻌﻭﺑﺔ ﻭﺗﻌﺭﺽ ﻣﻼﻳﻳﻥ ﺍﻷشخاص ﻻﻧﻌﺩﺍﻡ ﺍﻷﻣﻥ ﺍﻟﻐﺫﺍﺋﻲ ﻭﺍﻟﻣﺎﺋﻲ ﺍﻟﺣﺎﺩ ". وفي السنوات الأخيرة ازداد الاهتمام بالماء كشرط مسبق لإعمال حقوق الإنسان الأخرى وكحق لا يمكن الاستغناء عنه من أجل حياة كريمة ولائقة. وأصبح بذلك أحد المواضيع الهامة في المنتديات العالمية بعد أن أضحى التدهور البيئي وندرة المياه محل قلق وانشغالات الدول والمؤسسات الدولية المعنية. ورغم تأكيد إعلان أهداف التنمية المستدامة على ضرورة ضمان إتاحة المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع (الهدف 6)، إلا أنه وللأسف لا يزال ملايين الناس ، خصوصا في المناطق القروية، يفتقرون إلى الخدمات الأساسية للحصول على مياه الشرب المأمونة والصرف الصحي.

في هذا الإطار أولى المغرب عناية كبيرة للماء وتدبير الموارد المائية وعقلنة استهلاكه سواء على مستوى سياساته العامة أو ترسانته القانونية، والفصل 31 من الدستور المغربي وقانون الماء 15.36 يؤطران حق الإنسان في الحصول على الماء . لكن المغرب أصبح اليوم يواجه تحديات جديدة بفعل الإجهاد المائي و النقص الكبير في الموارد المائية وارتفاع الاستهلاك في الآن ذاته ، مما يتطلب اعتماد خيارات وسياسات جديدة تروم الحفاظ على الموارد المائية ومحاربة الهدر لتحقيق الأمن المائي للأجيال الحالية والمقبلة وتعزيز الحكامة المائية عبر تفعيل آليات المراقبة والتتبع ،وإدماج البعد البيئي والمناخي في المشاريع الاستثمارية وضرورة تحسيس وتوعية المواطنين بدورهم الحيوي في الحفاظ على الموارد المائية.

هذا كله يفرض فتح النقاش حول الأهمية الحيوية للماء وضرورة التفكير في سبل ضمان واستدامة الحق في الماء لكل المواطنين من منظور تنموي مستدام يتم فيه الأخذ بعين الاعتبار التغير المناخي في صنع وتتبع السياسات العمومية مع إيلاء أهمية خاصة للعالم القروي.

على هذا الأساس، ولتعدد أبعاد هذا الحق الكوني سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وصحيا وثقافيا وتشابكه مع باقي حقوق الإنسان، أصبح سؤال الحق في الماء وتدبيره في المغرب من القضايا الضاغطة التي تستدعي النقاش العمومي لتوحيد فعال للجهود يضمن التقائية مختلف الفاعلين. وفي هذا السياق تبرز أهمية إشراك الجامعة في هذه الجهود المبذولة لحماية الموارد المائية من الاستنزاف والإجهاد المائي .

لهذه الدواعي ، ارتأى ماستر الديناميات الجديدة لحقوق الإنسان بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية تنظيم يوم دراسي في الموضوع بتعاون مع مختبر الدراسات والأبحاث في حقوق الإنسان والديموقراطية ومركز تمكين للدراسات والأبحاث في مجال حقوق الإنسان (TAMKINE) ، وبمشاركة علمية من العديد من المتدخلين والفاعلين المعنيين بهذا الشأن من خبراء حقوقيين وباحثين بمراكز علمية وأساتذة و أكاديميين. وتم اختيار موعد انعقاد هذا اليوم الدراسي في 10 ديسمبر ليكون متزامنا مع تخليد ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان وفي ذلك أكثر من إشارة ومغزى.

محاور اليوم الدراسي هي كالتالي:

  • ثقافة الماء : التحسيس، التمثلات ، الثقافة والأنتروبولوجيا.
  • الحق في الماء في المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
  • الإطار الوطني القانوني والمؤسساتي للماء ولتدبير الموارد المائية .
  • سؤال الأمن المائي أو الحكامة المائية في المغرب.
  • البحث العلمي وتدبير الموارد المائية لتجويد حكامة قطاع الماء.
  • ندرة المياه والتغير المناخي : الخيارات والبدائل والحلول.

وتجدر الإشارة إلى أنه فضلا عن اليوم الدراسي ستعرض بكلية الحقوق خلال عدة أيام أفلام لتعريف الطلبة والطالبات بقضايا التغير المناخي والإجهاد المائي وتحسيسهم بأهمية الماء وضرورة الحفاظ عليه ، وذلك في إطار المهرجان الجامعي للسينما وحقوق الإنسان في دورته الأولى.